لماذا أحب ويندوز فيستا.. محاولة لإنصاف أكثر منتجات مايكروسوفت ظلماً!

من أرشيف مقالاتي على أراجيك، 17 ديسمبر 2018

على عكس الرأي السائد بأن ويندوز فيستا كان سيئاً، وربما اعتبره البعض أسوأ إصدارات ويندوز على الإطلاق. كانت تجربتي مع هذا النظام مختلفة تماماً، وحتى اليوم يمكنني اعتباره أحد أفضل أنظمة التشغيل التي أطلقتها مايكروسوفت في تاريخها، وهذا بالطبع رأي شخصي مبني على تجربة شخصية، وليس بالضرورة أن يكون موضوعياً أو حيادياً أو علمياً.

كان هذا الإصدار سابقاً لوقته حينها، ولم يكن العتاد الكافي لتشغيله متاحاً لدى الغالبية العظمى منا كمستخدمين عاديين أو حتى محترفين.. هذه حقيقة، أذكر حين صدر لأول مرة بداية 2007 أنني اضطررت إلى (استعارة) ذاكرة RAM من أحد الأصدقاء وتركبيها في جهازي، حتى يصبح لدي جهاز بذاكرة 512 ميغا بايت، التي كانت الحد الأدنى حتى يسمح لك النظام بمجرد الدخول إلى برنامج الإعداد! فبالطبع تجربة الاستخدام في المهام اليومية والعمل لن تكون جيدة بهذا الشكل.

غالبية الأجهزة في ذلك الوقت (2006-2007) كانت بالمعايير المتوافقة مع ويندوز XP، وفي سوريا كان بعضها صامداً من حقبة ويندوز ME أيضاً، كانت معالجات Pentium 4 أقوى المعالجات المتاحة، أما فكرة المعالج ثنائي النواة Dual Core  كانت خيالية تماماً كما فكرة الجيل الجديد من معالجات Core i9 في هذه الأيام، فلذلك لم يحصل على تجربة استخدام مثالية إلا عدد محدود من المستخدمين الذين تمكنوا من اقتناء أجهزة مصممة للعمل مع ويندوز فيستا، أو تلك التي أتت محملة بالنظام بشكل مسبق، والتي كانت كما العادة في كل شيء جديد باهظة الثمن.

ربما لو أخرت مايكروسوفت إطلاق ويندوز فيستا حتى العام 2008 مثلاً لاختلفت الأمور كلياً، ولم تكن مشكلة التوافق مع العتاد بذلك السوء الذي جعل المستخدمين ينفرون من النظام من الساعات الأولى بعد تثبيته، طبعاً إلى جانب مشكلة التوافق مع البرامج أيضاً والتي لم تقل سوءًا عن مشكلة تعاريف الأجهزة تلك.

كانت مايكروسوفت تخطط لتقديم تجربة جديدة بالكامل، وقد فعلت ذلك بالفعل، ولكن يبدو أنها قررت أن يكون ذلك على حساب كل ما سبق دون أن تفكر بأنه من الصعب على مستخدم مستقر مرتاح مع ويندوز XP وجميع أعماله تسير بسلاسة أن يفكر بالترقية إلى شيء جديد كلياً فقط بغرض الترقية! خاصة إن كانت بهذه الخطورة.

قادماً من ويندوز XP، بقيت لمدة أسبوع كامل أتصفح في النظام الجديد، وكان انطباعي الأول رائعاً جداً، خاصة بعد معاناة طويلة مع التثبيت على جهاز متواضع المواصفات، وربما سيكون من المبالغة القول أني شعرت بسعادة حقيقية لا توصف عندما ظهر شعار ويندوز اللامع الجديد أمامي لأول مرة مع موسيقى بدء التشغيل الجديدة التي توحي بأنك على وشك العمل على مكوك فضائي. النسق العام للنظام، الألوان والتصميم المختلف للواجهات، خلفية سطح المكتب، زر قائمة ابدأ الجديد البارز عن شريط المهام بتأثير ثلاثي الأبعاد. كلها تفاصيل صغيرة جداً، ولكنها كانت فعلاً مدهشة.

استكشفت كل زوايا النظام، واستمتعت بالعثور على الميزات الجديدة والمبهرة التي تضمنها، والتي كانت مقدمة أو ربما نواة للكثير من الميزات التي نستخدمها  في نظام ويندوز اليوم، والتي لم نكن لنعرفها لولا ويندوز فيستا، فأنا اليوم أكتب هذه السطور لإنصاف هذا النظام المظلوم الذي ربما دمره التنمر أكثر مما دمرته مشاكله وثغراته الأخرى.

برنامج الإعداد الأسهل على الإطلاق

عندما قمت بتثبيت ويندوز فيستا لأول مرة كنت أتوقع خطوات تثبيت مشابهة لويندوز اكس بي أو على الأقل التعرض لواجهة غير رسومية واحدة على الأقل. لكن أول ما أبهرني في ويندوز فيستا كان واجهة التثبيت الرسومية بالكامل والتي كانت سهلة لدرجة أصبح بإمكان أي شخص القيام بتثبيت النظام دون أي خبرة سابقة. 

الإبهار البصري والصوتي

نسق التصميم الزجاجي الشفاف Windows Aero وإعادة تصميم واجهات البرامج الأساسية مثل مستكشف الملفات، ومتصفح الإنترنت والتي أصبحت كلها أكثر سهولة في الاستخدام، إعادة تصميم جميع الأيقونات في النظام لتصبح مناسبة للنسق الجديد، مجموعة خلفيات الشاشة الذهبية اللامعة، ومجموعة الأصوات الجديدة، والشريط الجانبي المسروقة فكرته من OSX 🙂

كل هذه التفاصيل استمرت في ويندوز 7، ولم تكن لتوجد لولا فيستا، ولا يمكن لأي مستخدم سواء كان مستهلكاً أو محترفاً إلا أن ينبهر بها خاصة بعد الخروج من حالة الجفاف التي كانت موجودة في ويندوز XP. يمكنني تشبيه الأخير بأنه ذلك الموظف المتفاني في عمله والذي يتممه على أكمل وجه، ولكن ذلك على حساب الاهتمام بمظهره الخارجي، أما ويندوز فيستا فقد كان العكس تماماً حيث اهتم بمظهره لدرجة أثقلت حركته في العمل، فهذا الإبهار البصري لم يكن سحراً، بل احتاج إلى قوة معالجة كبيرة في الرسوميات لم تكن منتشرة بكثرة في تلك الفترة.

لكن يمكن القول أن مايكروسوفت قد تمكنت في وقت لاحق من إخراج ويندوز 7 ليجمع بين أداء الموظف المتفاني، و الموظف الأنيق، ولكنه لم يكن ليوجد لولا كلاهما.

Flip 3D Baby!

التبديل بين الإطارات المفتوحة من خلال الضغط على Alt+ Tab أحد أكثر الميزات التي لم يتصور أحد أنه بالإمكان إضافة جديد لها، فهي تؤدي وظيفتها بكل أمانة، ولا حاجة إلى المزيد منها. إلا أن مايكروسوفت قامت بإطلاق خاصية Flip 3d التي تقوم بنفس مهمة التبديل بين الإطارات ولكن من خلال عرضها بشكل تدفق ثلاثي الأبعاد مبهر.

هذه التجربة ثلاثية الأبعاد في النظام ألهمت الكثير من المطورين والمصممين في ما بعد، وأتوقع أنها لعبت دوراً في تطوير تقنيات الواقع الافتراضي والمختلط مثل Holo Lens التي تعمل عليها مايكروسوفت إلى اليوم. نعم لقد كانت البداية من هنا.

البرامج الملحقة.. الكثير منها

تضمن ويندوز فيستا الكثير من البرامج الجديدة كلياً، والتحديثات لبرامج سابقة، ومع تركيزها على الجانب البصري أيضاً، قدمت مايكروسوفت تجربة استخدام أسهل بكثير في برامج مثل Windows Movie Maker لتحرير الأفلام القصيرة ببساطة، وبعد انتهائك من إخراج فيلمك القصير يمكنك نسخه إلى DVD بشكل أنيق من خلال Windows DVD Maker، ومشاهدته في وقت لاحق من خلال Windows Media Center.

الألعاب الجديدة القديمة

إلى جانب تحديث ألعاب سوليتير المحبوبة من قبل الجميع وإضافة اللمسة ثلاثية الأبعاد إليها. أطلقت مايكروسوفت “مركز الألعاب” مجموعة من الألعاب الجديدة مع النظام مثل Purple Place ولعبة  Mahjong titans و لعبة شطرنج ثلاثية الأبعاد.

تقييم أداء الجهاز لحساب التوافق

كنت أتفاخر بين أصدقائي بأن جهازي يمتلك نقاطاً أقوى منهم، كان الهدف منها أن تصبح معايير تصنيف للألعاب والبرمجيات، فبدلاً من أن تذكر شركة مطورة للعبة ما جميع الإمكانات المطلوبة لتشغيلها، كان يكفي أن تقول أن هذه اللعبة بحاجة إلى جهاز بنقاط 3.5 مثلاً لتعمل بشكل جيد، والأمر نفسه بالنسبة للبرمجيات. أتوقع انه كان من الممكن الاستمرار بتطوير هذه الخاصية.

الدروس التعليمية باللغة العربية

قدم “مركز التعليمات والدعم” في ويندوز فيستا شرحاً لكل شيء جديد تقريباً في النظام، وكان متوفراً بالفيديو باللغة العربية بأسلوب بسيط وشيق يمكن لأي شخص أن يتمكن من تعلم استخدام النظام مهما كان جديداً عليه.

هذه الأسباب وغيرها هي جعلتني أحب ويندوز فيستا، وأصبحت تجربتي له لا تنسى رغم كل المشاكل والصعوبات التي واجهتني أثناء تثبيته واستخدامه.

أسباب فشل ويندوز فيستا

باختصار هي: البيروقراطية، عدم التوافق، والشره في استهلاك الموارد!

لم يكن ويندوز فيستا فاشلاً على مستوى المبيعات، فقد تمكن من بيع أكثر من 88 مليون نسخة في العام 2007 لوحده، والجميع كان يترقب ذلك الإصدار الجديد من ويندوز.

كانت فترة صدور فيستا هي فترة ما زالت تسود فيها المعالجات القديمة، ذواكر DDR، كروت شاشة AGP الضعيفة، وسعات التخزين القليلة، كانت معالجات LGA، ذواكر DDR2، وكروت شاشة PCI Express جديدة في تلك الفترة، ولم تكن منتشرة على نطاق يسمح للنظام بأن يعمل بكل كفائته.من سوء حظ فيستا أنه صدر في مرحلة انتقالية بين القديم والجديد ساهمت بشكل كبير في فشله، وبشكل أكبر في نجاح الأنظمة التي تلته، فعلى سبيل المثال يمكن لجهاز يعمل يعمل بذاكرة 1GB DDR2 و كرت شاشة GeForce G210 ومعالج Core 2 duo أن يقوم بتشغيل ويندوز 7 ومن ثم ويندوز 8 و 8.1 بشكل مقبول دون الحاجة إلى الترقية. أصبحت هذه الإمكانات أكثر شيوعاً منذ العام 2009.

ربما كانت نوعية العتاد المنتشرة في ذلك الوقت سبباً آخر لإتاحة مايكروسوفت لأكثر من نسخة من ويندوز فيستا مختلفة فيما بينها مثل Home Basic و Home Premium، و Business و Ultimate، ولكن هذه العملية أيضاً أوقعت المستخدم في حيرة، وكان الاتجاه نحو الإصدار الأشمل Ultimate والذي يبدو من تسميته أنه سيكون الأكثر قوة وإبهاراً، ولكن لذلك ثمن.. الكثير من القوة للمعالجة التي لم تكن متوفرة لدى الغالبية، فيما كانت الإصدارات الأخرى تحتوي على ميزات أقل.

كان فيستا بيروقراطياً إلى حد مزعج، خاصة فيما يتعلق بالأمان، وطلب الصلاحيات عند القيام بكل حركة حتى على مستوى نسخ ملفات من مكان لآخر 🙂

حاولت مايكروسوفت تدارك الكوارث التي سببها فيستا من خلال إطلاق حزمة خدمات Service Pack ثانية من النظام، ولكنها وصلت متأخرة، فكما كل شيء الانطباع الأول هو الأهم، وبعد انصراف المستخدمين عن النظام، لم يعد ينفع ترقيعه مهما كان.

لقد كتبتُ هذا المقال بناءً على ما أذكره من تجربتي مع النظام التي ربما استمرت سنة كاملة، لم أقم بالعودة إليه منذ صدور ويندوز 7، ولكن هذه الذكريات بقيت عالقة في ذاكرتي إلى اليوم، ورغم كل التقييمات السلبية للنظام إلا أنه كان جسراً للعبور إلى ما بعده، وقد أضاف الكثير إلى تجربتنا كمستخدمين ومحترفين، ومن الإجحاف عدم شكره على ما قدمه لنا.

أوقفت مايكروسوفت بيع ويندوز فيستا في 10 أبريل 2012، واستمرت بدعمه حتى أبريل 2017 لتنهي بذلك حياة نظام تشغيل أعتبره شخصياً من أكثر أنظمة التشغيل تأثيراً في تاريخ الحواسيب الشخصية.

ما هو تقييمك لويندوز فيستا؟ وما هي أكثر ميزة أعجبتك فيه؟ وتلك التي كرهتها أيضاً.. شاركني تجربتك ورأيك فيما طرحته. هل توافقني الرأي؟

رأيان على “لماذا أحب ويندوز فيستا.. محاولة لإنصاف أكثر منتجات مايكروسوفت ظلماً!”

  1. شكراً لك أخ عبدالله على ذكر هذه التجربة المفيدة.
    بالنسبة لي كُنت استغرب لماذا يكره الناس وندوز فيستا لهذه الدرجة، مع أن أكثر ميزات كانت تضايقني هي ميزات اﻷمان وصعوبة تعديل الملفات مقارنة بالنُسخة الأقدم من الوندوز، ومع أني كُنت في ذلك الوقت انتقل تدريجياً إلى نظام لينكس لم أجد أنه نظام سيء.
    أذكر في عملي السابق تقريباً عام 2012 أو قبلها بعد فترة من استخدام وندوز فيستا والذي كان مثبتاً مع أجهزة جديدة اشتريناها وهي لينوفو T40 Core 2 Duo على ما اذكر، بعد فترة طلبت منا الشركة التي اشترينا منها اﻷجهزة إرسال رقم السيريال لتلك اﻷجهزة، فأرسلناها لهم ثم بعد فترة أرسلوا لنا أقراص مدمجة بها Windows 7 فحدّت الوندوز إلى Windows 7 وبعد فترة تلف القرص الصلب لللابتوب، فبدلته وحاولت تثبيت Windows 7 مرة أخرى لكنه أخبرني بأن العتاد به تغيير ولم استطع تثبيته مرة أخرى.
    أحد المعلومات التي قرأتها عن سبب بطء الوندوز فيستا أن أجزاء منه كُتبت بواسطة .Net لكن في وندوز 7 كُتب النظام من جديد بواسطة لغة C++

    1. شكرًا أخي معتز على المشاركة، بالفعل كانت القيود الأمنية على النظام محط جدل كبير، وعلى فكرة تم تخفيفها في Vista SP2

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *