ألف متابع فقط لا غير

مقال نشرته على أراجيك في في ١٢ نوفمبر ٢٠٢٤

٣٠٪ من أطفال جيل زد (لماذا لم يتم تعريب تسميات هذه الأجيال إلى الآن؟) يريدون أن يصبحوا “يوتيوبرز وصانعي محتوى” و٥٧٪ منهم يرغبونبأن يصبحوا “مؤثرين”، على اعتبار أن هذه المهن اليوم من أكثر المهن تحقيقًا للأرباح، وتتيح لممارسها مجالًا أكبر من الحرية والمرونة للعمل في الأوقات التي تناسبهم، بالإضافة طبعًا إلى الشهرة والتواصل مع الناس، والحصول على معجبين، قد يصل عددهم إلى الملايين أحيانًا.

لكن المشكلة التي يواجهها كل الطامحين إلى العمل في هذه المجالات، أو مجالات إبداعية أخرى في عالم اليوم، هي اليأس والتوقف عن العمل بعد فترة وجيزة، أو بعد إنتاج عدة فيديوهات لم يحصل أي منها على انتشار كبير وملايين المشاهدات وآلاف المشتركين، والسبب هنا هو الانطباع المسبق بأن هذه الأرقام التي لم يصل إليها سوى أقل من 1% ممن دخلوا هذا المجال هي مقياس النجاح، يجب أن تصل إلى 100 ألف مشترك وتحصل على الدرع الفضي، ومليون مشترك وتحصل على الدرع الذهبي، كي تسمي نفسك صانع محتوى ناجح.

من ناحية تقنية، فقد أصبحت العلاقة بين عدد المشتركين وانتشار المحتوى أقل ارتباطًا من ذي قبل، ويحدث بالفعل أن تجد “يوتيوبر شهير” لديه 10 ملايين مشترك لا تتجاوز مشاهدات فيديوهاته بضعة آلاف، وهو رقم صغير جدًا مقارنة بعدد مشتركيه، بينما تجد حسابًا جديدًا لشاب بدأ مؤخرًا على تيك توك لديه خمسة متابعين فقط، ونشر فديوهات حصلت على ملايين المشاهدات، وانتشرت بشكل كبير بالفعل.

مفهوم “المتابعين Followers” بشكل عام أصبح أقل أهمية وفعالية عما كان عليه قبل عشر سنوات، فمع كثرة صناع المحتوى، واختلاف المحتوى الذي نتابعه على المنصات المختلفة التي نستخدمها، فقد أصبح من الصعب حتى فيزيائياً مشاهدة فديوهات كل من نتابعهم بالفعل على حساباتنا، واتجهت شبكات التواصل وفي مقدمتها فيسبوك إلى تعديل خوارزمياتها بشكل مستمر لتواكب تغير طريقة تفاعلنا مع تطبيقاتها لتعرض لك كمستخدم المزيد من “المحتوى الذي يعجبك” وتمنحه الأفضلية على المحتوى الذي لم تتفاعل معه مؤخرًا.

لست في معرض انتقاد طريقة عمل هذه الشركات، فهي في النهاية تهدف إلى إبقاء المستخدمين على تطبيقاتها لفترة أطول كي تعرض له مزيدًا من الإعلانات وتزيد أرباحها، ولأهميته، سأعود للتعمق أكثر في هذا الموضوع لاحقًا، فلا تنسَ الاشتراك بقناتي وتفعيل زر الجرس ليصلك كل جديد 🙂 

رسالتي هنا هي لأولئك الذين يرغبون فعلًا بأن يكونوا مؤثرين حقيقيين، ولديهم أفكار حقيقية يرغبون في مشاركتها مع العالم، أو موسيقى يريدون إسماعها ، أو أفلامًا يريدون إخراجها، ولكنهم يشعرون بالإحباط لأنهم لم يحصلوا على المتابعات والمشاهدات التي قال لهم أحدهم أنها هي مقياس النجاح والاستمرار.

ألف متابع حقيقي

يا عزيزي، أنت لست بحاجة مليون متابع لتكون ناجحًا، ولتتمكن من الحصول على عيش كريمٍ من عملك في أي مجال إبداعي تحبه، سواء كان ذلك صناعة المحتوى على يوتيوب، أو التدوين والكتابة، أو الموسيقى، أو الأفلام، أو تيك توك.

سأشارك معك منظورًا جديدًا لهذه الأرقام، هل تعلم أن أكبر ملعب في العالم يتسع لثمانين ألف مشجع فقط! هل يمكنك تخيل مدرجات ملعب ممتلئ بالكامل؟ يا له من ازدحام! 

لنتخيل معًا حفلًا موسيقيًا يحضره خمسة آلاف شخص، جاؤوا إلى الملعب ودفعوا ثمن التذكرة ليستمعوا إلى فنانهم المفضل، ما زال الرقم كبيرًا.

كم متوسط طلاب أي مدرسة في العالم؟ لا أتخيل أن هناك مدرسة عدد طلابها يتجاوز 500 طالب، ولكن هل تذكر باحة المدرسة وكم شخصًا يكون فيها في وقت الاستراحة؟

ما أردت تذكيرك به هنا مجددًا، هو أن أولئك الذين تراهم لديهم ملايين المتابعين والمشاهدين هم دائمًا القلة القليلة، ولا يتجاوز عددهم 1 إلى 2% من إجمالي صانعي المحتوى على أي منصة، ولا يمكن فيزيائيًا أن يتسع كل الناس في هذه الـ1%، لذلك، ولكي تتمكن من الاستمرار والتطور، لا تقارن نفسك بهم، بل أكثر من ذلك، لا تفترض أنك واحد منهم أصلًا.

السؤال يجب أن يكون، ليس كم متابعًا لديك؟ بل كم شخصًا حقيقيًا مستعد أن يشتري تصميم قميصك القادم، أو اسطوانتك الموسيقية الجديدة، أو هو مستعد لدعمك بشكل حقيقي، وللدعم المادي هنا أفضلية عندما أتحدث عن الدعم.

ألف معجب حقيقي

في تدوينة شهيرة، طرح كيفن كيلي Kevin Kelly، وهو مؤسس مجلة وايرد Wired الشهيرة فكرة مذهلة فحواها أنك كصاحب صنعة (أي صنعة كانت)  لست بحاجة إلى ملايين الدولارات، ولا ملايين العملاء، ولا ملايين المشاهدات كي تكسب “لقمة عيش حلوة” من صنعتك ومهارتك، سواء كنت مصورًا فوتوغرافيًا، أو موسيقيًا، أو مصممًا، أو كاتبًا، أو مبرمج تطبيقات، أو رائد أعمال، أو مبتكر، وأنت بحاجة فقط إلى “ألف معجب حقيقي”، وفيما يلي ترجمتي للإصدار المحدث من تدوينة 1000 True Fans، والتي يمكنك قراءتها كاملة، بالإضافة إلى إصداره الأول الذي كتبه كيلي في عام 2008 في مدونته، والذي تمت ترجمته إلى 11 لغة، ومع ترجمتي هذه تصبح 12.


يُعرَف “المعجب الحقيقي” على أنه ذلك الذي سيشتري أي شيء تنتجه، سيسافر هؤلاء المشجعون مئات الكيلومترات لرؤيتك تغني، سيشترون النسخ الورقية والرقمية والمسموعة من كتابك، سيشترون منحوتتك التالية قبل الجميع، وسيدفعون  لشراء أسطوانة DVD لمنتجك الفني، حتى لو كان متاحًا مجانًا في قناتك على يوتيوب، وسيأتي المعجب الحقيقي إلى مطعمك مرة واحدة في الشهر على الأقل. إذا كان لديك تقريبًا ألف معجب حقيقي مثل هؤلاء (المعروفين أيضًا باسم المعجبين المتميزين Super Fans)، فيمكنك كسب مال جيدٍ هنا، قد لا تحقق ثروة بالضرورة، ولكنك من المؤكد ستحقق ما يكفيك لحياة كريمة.

وإليك المعادلة التي تدعم هذه الفكرة، ستحتاج إلى تلبية معيارين: أولاً، عليك أن تُنتج ما يكفي (من عملك) كل عام كي تتمكن من تحقيق ربح قدره 100 دولار في المتوسط ​​من كل معجب حقيقي. من السهل القيام بذلك في بعض الفنون والأعمال التجارية أكثر من غيرها، ولكنه يشكل تحديًا إبداعيًا لكل المجالات، لأنه من الأسهل والأفضل دائمًا أن تمنح عملاءك الحاليين المزيد، بدلاً من العثور على معجبين جدد.

ثانيًا، يجب أن تكون لديك علاقة مباشرة مع معجبيك، أي أنه يجب عليهم أن يدفعوا لك مباشرة، وأن تتمكن من الاحتفاظ بكل دعمهم، على عكس النسبة الصغيرة من الرسوم التي قد تحصل عليها من شركة الموسيقى، أو الناشر، أو الاستوديو، أو بائع التجزئة،  أو أي وسيط آخر. إذا احتفظت بمبلغ 100 دولار كامل من كل معجب حقيقي، فأنت بحاجة إلى 1000 منهم فقط لتكسب 100.000 دولار سنويًا، وما زال هذا الرقم جيدٌ جدًا للعيش بالنسبة لمعظم الناس.

إن استهداف ألف عميل هو أكثر جدوى بكثير من استهداف مليون معجب، كما أن الحصول على ملايين  المعجبين ليس هدفًا واقعيًا تسعى لتحقيقه، خاصة عندما تكون في البداية، لكن الوصول إلى ألف معجب أمرٌ ممكنٌ جدًا، إذا أضفت معجبًا حقيقيًا جديدًا يوميًا، فلن يستغرق الأمر سوى بضع سنوات لتكسب ألف معجب.

كما أن الرقم 1000 ليس مطلقًا، ويمكن تعديله ليناسب الحالة الخاصة لكل شخص، فإذا كنت قادرًا على كسب 50 دولارًا سنويًا فقط من كل معجب حقيقي، فأنت بحاجة إلى 2000 دولار. (وبالمثل، إذا كان بإمكانك البيع بمبلغ 200 دولار سنويًا، فأنت بحاجة إلى 500 معجب حقيقي فقط.) أو قد تحتاج فقط إلى 75 ألف دولار سنويًا لتعيش، قم بالتعديل بناءً على ذلك.

 إذا كنت متزوجًا،  أو لديك شريك، فأنت بحاجة لمضاعفة الرقم  والحصول على 2000 معجب حقيقي. كرر نفس المعادلة إن كان لديك أكثر من شريك، كفرقة موسيقية مثلًا. 

الخبر السار هو أن الزيادة في حجم قاعدة المعجبين الحقيقيين لديك تكون هندسية وخطية بما يتناسب مع حجم الفريق؛ فإذا قمت بزيادة الفريق بنسبة 33%، فأنت بحاجة فقط إلى زيادة قاعدة المعجبين بنسبة 33%.

هناك طريقة أخرى لحساب دعم المعجبين الحقيقيين، وهي الحصول على أجر يوم واحد سنويًا منهم. هل يمكنك إثارة حماسهم أو إرضائهم بما يكفي ليقدموا لك كسب يوم واحد من عملهم؟ قد يبدو السقف مرتفع، لكنه ليس مستحيلاً بالنسبة لألف شخص في جميع أنحاء العالم.

لن يكون كل معجبيك فدائيين لك. في حين أن دعم ألف معجب حقيقي قد يكون كافيًا لكسب لقمة العيش، لكن مقابل كل معجب حقيقي، قد يكون لديك اثنين أو ثلاثة معجبين عاديين، تخيل الموضوع كدوائر متحدة المركز حيث المعجبين الحقيقيين في المركز وحولهم دائرة أوسع من المعجبين العاديين.

قد يقوم هؤلاء المعجبون العاديون بشراء إبداعاتك من حين لآخر، أو ربما اشتروها مرة واحدة فقط، لكن مشترياتهم العادية توسع إجمالي دخلك. ربما يجلبون 50٪ربح إضافي. ومع ذلك، فأنت تريد التركيز على المعجبين المتميزين لأن حماسة المعجبين الحقيقيين يمكن أن تزيد من رعاية المعجبين العاديين. المعجبون الحقيقيون لا يمثلون المصدر المباشر لدخلك فحسب، بل يمثلون أيضًا القوة التسويقية الرئيسية للمعجبين العاديين.

الخلاصة: 1000 معجب حقيقي هو طريق للنجاح بديل عن النجومية، فبدلًا من محاولة الوصول إلى القمم الضيقة وغير المتوقعة لقوائم الأكثر مبيعًا من كتب وموسيقى وأفلام، وبدلًا من أن تصبح مشهورًا كبيرًا celebrity ، يمكنك أن تهدف إلى التواصل المباشر مع آلاف المعجبين الحقيقيين. في رحلتك هذه، بغض النظر عن عدد المعجبين الذين تنجح بالفعل في كسبهم، لن تكون محاطًا بهوسٍ مبتذل، ولكن بتقديرٍ حقيقيٍ أصيلٍ، إنه مصير أكثر عقلانية لنضع أملنا فيه، ومن الأرجح أن تصل إلى هناك بالفعل.


ابدأ بالعمل لتصل في البداية إلى عشرة معجبين، ثم مائة، ثم ألف معجب، حافظ على استمراريتك، وأصالة أفكارك في نفس الوقت، يمكنك المساهمة في ما هو دارج من حين لآخر، لكن لا تجعل “التريند” أسلوب حياتك، فهو كما تعلم سريع المرور والاختفاء، ومن النادر أن تذكر أحدهم لأنه كان لا يفوت تريند. احرص على التعامل مع متابعيك على أنهم أناس حقيقيون، لأنهم كذلك فعلًا، ولا تدخل متاهة الأرقام المخادعة، هذه المتاهة التي لم يخرج منها أحد سعيد على الإطلاق، ولا تنسَ أثناء ذلك أن تهتم بصحتك النفسية، وتنظم وقتك بشكل جيد.

أتمنى لك التوفيق في رحلتك، وتذكرني في حال أفادك ما كتبت يومًا ما.

تحديات التسويق: معركة ثلاثية الأبعاد

أحد أصعب التحديات في عملنا بالتسويق هو بناء تواصل فعّال مع العملاء، وخاصة أصحاب الشركات.

بصراحة، أحيانًا بتحس إنه بمجرد ما الشخص يعمل شركة، بيدخل بعقلية جديدة صعب تتعامل معها بسهولة، ونعم بيكون في غرور وعنجهية في بعض الأحيان.

كمسوق، ما بيكفي إنك تفهم طبيعة البزنس، أو الجمهور المستهدف لتقدر تساعد شركة العمل على تحقيق أهدافها. لازم كمان تفهم خلفية وطريقة تفكير المسؤولين في الشركة—خصوصًا الأشخاص اللي بتتعامل معهم بشكل مباشر.

ليش؟ لأنه لما تطرح أفكار جديدة وجريئة على الطاولة، غالبًا بيكون فيها نسبة مخاطرة، وتوصيل هالأفكار واقناع المسؤولين فيها بأقل نسبة سوء فهم أشبه بدخول معركة ثلاثية الأبعاد. عم تحاول توفق بين أهداف البزنس، توقعات الجمهور، وتجربة العميل الشخصية في نفس الوقت.

عودة إلى الغيمة الصوتية عبر بودكاست Apo Talks

أعود لنشر تدويناتي الصوتية بصيغة بودكاست في المكان الذي بدأت منه هذه التجربة، وهو منصة Soundcloud

بعد أن أصبح النشر على الغيمة الصوتية بمقابل مادي، قررت تجربة منصات النشر الأخرى، مثل سبوتيفاي بودكاست وآبل بودكاست، وكان التوزيع يتم على كل المنصات من خلال منصة Anchor FM التي أصبحت فيما بعد Spotify for podcasters.

ومع أن التجربة كانت ممتازة، وقد وصلت إلى جمهور أكبر، ومرات استماع أكثر، إلا أن تجربة ساوند كلاود مختلفة، ولها رونق خاص، فمع أن انقطاعي عن النشر على المنصة دام لمدة سنتين، إلا أن الحلقات التي نشرتها لم تتوقف عن الانتشار، والمزيد من المتابعين انضموا لمتابعتي خلال هذه الفترة أيضًا، وكان التفاعل المباشر مع الجمهور من خلال التعليقات والاعجابات، أفضل بكثير من المنصات الأخرى، ولذلك عدت للنشر مجددًا عليها.

كما قمت بإعادة إيسام (ترجمة Branding) البودكاست تحت اسم Apo Talks أو عبدالله يتكلم، ليعكس هوية البودكاست الشخصية، والتي قد لا تكون موضوعية ولا احترافية في كثير من الأوقات.

من خلال هذه المنصة سأشارك بعضًا من تجاربي وآرائي بشكل صوتي، بالإضافة إلى مقابلات قد أقوم بها بين حين وآخر مع أشخاص من مجالات مختلفة، في مقدمتها ريادة الأعمال.

أرحب بمن يتابعني، ويقدم لي نقدًا مفيدًا لتطوير نفسي، أو يناقشني بالآراء والأفكار التي أقدمها على جميع المنصات في أي وقت، وأقدر تخصيص وقت لاستهلاك ما أقدمه من محتوى.

سائق عند الطلب

ركبت مع تاكسي طلبته من تطبيق أوبر (لأن الدولة في تركيا حصرت التطبيق بالتكاسي الصفراء).

وأثناء رحلتي في الطريق ومروره من اطلالة بحر مرمرة وأضواء اسطنبول في المساء، انتابني شعور غريب بالأرستقراطية ، لدرجة قررت أكتب تدوينة عن الموضوع (ما تقرأه الآن).

وخطرلي فجأة، أنه فعلا اختراع التاكسي رائع جدًا!

شوفير خاص عند الطلب.

يمكن لو يعيدو إيسام (ترجمتي لـBranding) خدمة التكسي، ليصير اسمها هيك (Driver on demand) كتير حتبين أفخم، وحيحس المشتري والبائع بقيمة هالتوصيلة اكتر، خاصة بمدينة كبيرة متل اسطنبول.

وبعدين أغاني الراديو في التاكسي في هذا الوقت (الساعة ٢٠:٢٢) وهذا الطقس (درجة الحرارة ٧) بتعطي شعور غريب كمان، وبحسب شازام، فأنا استمع الآن إلى Kalamam Arkadaş للفنان Murat Boz .

وفي شي غريب كمان، بس لطيف ومريح، أنه كل الشوفيرية يلي ركبت معهم اليوم ما عم يجربوا يفتحوا حديث، أو يحكوا معي ولا كلمة.

حوار مع بشر نجار – مقدم برنامج الجهبذ وبودكاست منبت

مقابلة أجريتها في وقت سابق من هذا العام مع بشر نجار، مقدم برنامج الجهبذ، وبودكاست منبت

كانت هذه المقابلة ضمن مشروع بودكاست أراجيك الذي لم يكتب له الاستمرار.

شخصيتي في تقديم البودكاست تقوم على التحدث بعفوية وأخوية مع الشخص، خاصة إن كان يتمتع هو ذاته بخفة ظل وطرافة، وهذا ما تميزت به منذ بدايتي في البودكاست عام 2017، ولكن ربما بسبب الصورة النمطية التي فرضها “صانعوا البودكاست” الجدد منذ أن أصبح البودكاست قائم على الفيديو، يبدو أنها تتضارب مع شخصيتي وهويتي غير المتكلفة والتي تكون خارجة عن المألوف في بعض الأحيان، والتي أعكسها في كل أعمالي، وذلك قد أربك من شاهد الحلقة عند صدورها على يوتيوب لأول مرة، و بناءً عليه تعرضت شخصيًا لانتقادات من قبل مشاهدي الحلقة، وقد وصفني البعض بأني “محاور ضعيف” وقد وصلت بعض التعليقات إلى حد التنمر علي، ولذلك ارتأيت إعادة مشاركة الحلقة بشكل صوتي مع من يعرفني من متابعيني القدامى لمعرفة رأيهم.

إجمالًا مازلت مقتنع بأن البودكاست هو صوت أولًا وأخيرًا، وبناءً عليه سأفكر كثيرًا قبل تصوير أي “بودكاست” بصيغة فيديو.

كل الشكر لبشر نجار على موافقته على أن يكون ضيف الحلقة الأولى، والتي بكل أسف كانت الأخيرة من بودكاست أراجيك، ولكن لحسن الحظ، لدي الحق وإمكانية إعادة نشر الحلقة على حساباتي الشخصية، وقد كانت مدخل عودتي إلى منصة ساوند كلاود.

سماعاتي

بدأت تجربتي مع السماعات المحترمة بعد ما بدأت العمل مع سماعة. كوم في ٢٠١٦.

قبل ذلك كانت أفضل سماعات عندي هي السماعات التي تأتي مرفقة مع الأجهزة، حيث كانت غالبية الأجهزة تأتي مع سماعات معقولة تفي بالغرض، حتى جاءت آبل وقررت كسر هذه القاعدة في ٢٠١٧، لأنها “شجاعة”.

مازلت إلى اليوم أستخدم سماعات بلوتوث سوني wh-1000xm2 حتى بعد صدور ٣ إصدارات لاحقة لها، حيث صوت هذه السماعة غامر جدًا، وصوت البيز قوي ومرضي، بالإضافة إلى خاصية إلغاء الضجيج، والبطارية ذات العمر الطويل، حيث أشحن السماعة مرتين في الشهر، وحتى بعد خمس سنوات، مازالت البطارية تبقى معي حتى ١٢ ساعة استماع في الشحنة.

عندما أطلقت آبل سماعات ايربودز، كنت ممن ينتقدها لتصميمها الغريب، والقابل للضياع بسرعة، وسعرها المبالغ فيه مقابل مواصفاتها، ولكن بعد عدة اصدارات وبعد أن استحوذت آبل على شركة بيتس أصبحت سماعات ابل كلها في مستوى رائع، وأصبحت الايربودز لوحدها واحدة من أكثر المنتجات مبيعًا في تاريخ البشرية، ليست فقط على مستوى السماعات، بل على مستوى جميع الأجهزة.

أما الايربودز التي أستخدمها الآن فهي Airpods Pro 2 بصوت مدهش مقارنة بالحجم، وإلغاء ضجيج قوي ومرن، وسهل التحكم به من الآيفون، وهي سماعاتي التي استخدمها يوميًا لما يزيد عن 5 ساعات، ويمكنني أن أوصي بها بشدة. لكن الميكروفون الخاص بها تعيس جدًا في الخارج.

أنا آسف يا تميم

أنا آسف لأننا بحاجة لشرح المشروح.

أنا آسف لأننا بحاجة أن نكرر أن حرصنا على دم أطفال غزة من حرصنا على دم أطفالنا في كل المدن السورية، وأن موقفنا من “الحزب” لا يعني دعمنا للمجرمين الصهاينة.

لسنا صهاينة ولا متصهينين يا تميم.

تجربتنا مع هؤلاء تثبت أنه لا يمكن لمن قتل الأطفال في سوريا أن ينقذهم في فلسطين، لا نستطيع تقبل هذه الفكرة، سامحونا.

لا يشعر بألم الآخر إلا من ذاق نفس الألم، لا يشعر بمرارة الحصار والقتل والدمار والتهجير إلا من ذاقه.

أنا آسف يا تميم

لا يمكننا أن ننسى مجزرة القصير، وحصار مضايا، وحصار حلب، ولا يمكننا أن ننسى شماتة حسين مرتضى والأناشيد القذرة والتشفي بدمائنا و”الباصات الخضر”، لا يمكن أن ننسى الآلاف من أطفالنا الذين تم ذبحهم بالسكاكين، وممن عربدوا في أحيائنا وبيوتنا ونكلّوا بنا. بعد أن زيننا بيوتنا بصورهم في وقت من الأوقات.

مجددًا، من المخزي أن يظن أحدهم أننا “كسوريين” نفرح لقتل أي بريء أو مدني أو نؤيده، ومن المخزي التشكيك فيما تعنيه فلسطين وقضية فلسطين لنا ولحريتنا.

كل ما في الأمر أننا في غمرة قتلنا نبحث عن بصيص عدل وعدالة ممن تسبب في قتلنا.

أنا آسف لأنكم نسيتم كل هذا، وآسف لأننا لم ننسى.

بكل الأحوال، وللأسف، فإن دماء آلاف المدنيين الغزيين لم تغير شيئًا يذكر (على الأرض)، فكيف لشماتة فيسبوكية من بعض من أزهر فيه الحقد الذي زرعه فيه الحزب. أنت من زرع هذا الحقد فينا يا تميم.

لم يطالب أحد بفك التحالف مع “الحزب” ولا “المحور” خاصة أننا نرى كيف تُركت غزة وحيدة، ونفهم إن رأيتم أن هذا “الرَمَد” أفضل من العمى، لكننا بنفس الوقت لن نسمح بإنكار محرقتنا كأنها لم تكن، بل واتهامنا بأننا صهاينة، وأننا نحن سبب “تأخر النصر والتحرير” لمجرد أننا رأينا عدوًا لنا يقتل عدوًا لنا، وكنا سعيدين بذلك.

وكم نتمنى أن تنتهي هذه الحرب القذرة “بنصرٍ يشفي صدور قوم مؤمنين” وأن يحتفل أهل غزة بنصرهم دون أن يسرقه منهم أحد، ونتمنى السلامة لأهلنا وأحبائنا في لبنان، وبعد ذلك كله أن نعود لبيوتنا وأراضينا أحرار حرية غير منقوصة تمامًا كتلك التي نتمناها لأهلنا في فلسطين.